اقرأ هذه القصة وتدبرها جيدا ..إنها قصة رجل كان يجلس على مقعد في محطة للحافلات ينتظر قدوم الحافلة وأطفاله الأربعة يلعبون أمامه، ويتدافعون ويعبثون بحاجات الناس من حوله، بينما أبوهم جالس في مقعده لا يهتز له ساكن، فمن الناس من يسبه سراً أو يرميه بكلمات: أين الأب؟ وما هذا الإهمال في تربية الأطفال؟ وغيرها من الجُمل التي يقصد بها إيقاظ هذا الجماد الذي جلس وعيناه متجهتان إلى أسفل كأنه ينتظر شيئاً يخرج من الأرض.
وفجأة اقترب منه أحدهم في سكينة ووقار وسأله: أهؤلاء أطفالك؟ فرفع الرجل رأسه ولسان حاله ينطق حزناً: نعم، إنهم أولادي، وقبل ربع ساعة كنا في المقبرة ندفن أمهم التي ماتت في حالة ولادة، وها هم المساكين يلعبون ويمرحون كأن شيئاً لم يقع.
هكذا تغيرت فكرة السائل وعرف كيف أن هؤلاء الأطفال فعلاً مساكين.. نعم تغيرت فكرته من لوم إلى تعاطف، ومن حقد وكره إلى حب وتقدير.
إن تصادم كثير من الأمم والشعوب والجماعات قد يكون في بعض الأحيان هو بسبب النظر للأشياء من زاوية واحدة، واعتبار ما نملك من الآراء هو الصواب والحق، مع العلم بأن الحق المطلق لا يدركه إلا مالك الملك، وعالم الأسرار والخبايا.
إن ظواهر الناس وأشكالهم وألوانهم أبداً لم تكن لتعبر عن مستوياتهم، وأبداً ما كان الظاهر من الناس والأمم الوسيلة الوحيدة لقياس إيمانهم ومعرفة حجم الخير الكامن فيهم.
وكما جاء في الحديث الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".. جعلنا الله من الذين يظنون ظن الخير، وينظرون بعين البصيرة، فعين الدنيا ضعيفة في إدراك الحقيقة.